“هايدي” سورية خلف أرطال الحليب

شام تايمز – كلير عكاوي

موقف ما سيذكرك بالطفلة “هايدي” وجدّها ذو اللحية البيضاء، الذي كان يقف خلف قدر الجبن الطازج في فيلم العائلة عام 2015، مجرد أن تجول في إحدى القرى السورية، وتلتقي البائع “أبو زاهر” الذي بات عمله نادراً، ترافقه ابنته ذات الـ 7 سنوات خلف براميل الحليب وقوالب الجبن.

لا نعرف إذا وجبت المقارنة بين “هايدي” التي كانت سبباً في نشوء مدينة كاملة في الريف السويسري على اسمها، وبين “سما” صاحبة الثياب الرقيقة البيضاء، التي لا تزال تساعد أبيها في جمع أرطال الحليب وترتيب قوالب الجبن وبيعها على المارة في الريف السوري.

“هايدي لاند” في الريف السويسري المشهور بالجمال الفاتن الذي يدهش العقل وترتاح النفس فيه وتنتشر فيه المروج الخضراء التي تحيط بها الجبال والتي تكتسي بالحلة البيضاء في فصل الشتاء، فتصبح مكاناً مناسباً للتزلج.

والضيعة الضايعة التي تقطن فيها “سما” ليست بعيدة عن جمال هذه الطبيعة، فهي جزء من هذا الكون العجيب المدهش الساحر الذي يشمل المروج الخضراء ، والأشجار، والجبال والينابيع والهواء العليل وغيرها.

تكريماً لكاتبة قصة “هايدي” الرائعة السويسرية “يوهانا شبيري”، افتتحت سويسرا مهرجان للجبن بالمكان الذي تربت فيه بطلة القصة مع جدها شيخ جبل الألب، يحصل كل شخص متواجد هناك على قالب بزنة 2 كيلو غرام من الجبن المتنوع، إضافة إلى المطاعم التي تقدم الجبن الذائب على نار الحطب لزبائنها بالمجان.

وفي سورية بات عمل “سما” وأبيها يلمس الانقراض، بسبب ارتفاع أسعار الألبان والأجبان التي ودّعت الكثير من المواطنين والتحقت بالتصدير، إضافة إلى أن عدداً كبيراً من المنشآت اختارت التوقف عن العمل، لأنها لا تستطيع تأمين مازوت التدفئة، بسبب انقطاع الكهرباء، حيث يضطر المربين إلى تشغيل المولدات أي لتكلفة إضافية، في حين كان حليب البودرة رديفاً بالصناعة، ليصبح أغلى من نظيره، بحسب ما أكد مؤخراً رئيس جمعية الألبان والأجبان في دمشق وريفها “عبد الرحمن الصعيدي”.

وقد حصلت سويسرا في 2020 على أكثر دولة فيها أندر وأشهى أنواع الجبن في العالم، وفي سورية الجُبنة السوريّة أيضاً لها ما يميزها ومكانتها على الصعيد العربي هي جبنة طازجة بيضاء اللون ذات طَعمٍ حليبي وقوام صلْب، وهي من أنواعِ الجُبنة المُميّزة والمعروفة، وكانت تُستخدم في صناعة أطباقٍ مُختلفة مثل: وجبات الإفطار قبل الحرب ، أو المعكرونة بعد العودة من المدرسة أو صناعة الكنافة “العصرونية” الساعة 6، حيث باتت عمليّة صنعها في البيت أقرب إلى المستحيل، بسبب ما وصلنا إليه من انحدار في المستوى المعيشي والاقتصادي عند أغلب العائلات السورية.

حضر عروض فيلم “هايدي” 2.4 مليون شخص في العالم، وهو رقم محترم ليس بقليل، أما في سورية فإن فيلم “سما” لم يره سوى المستهلكين الذين يشترون كيلو الحليب بـ 1000 ليرة سورية وكيلو اللبن إلى 1200 ليرة، أما كيلو اللبنة إلى سعر قدره 4500 ليرة، والجبنة البلدية بلغ سعرها 5400 ليرة، ووصل سعر الجبنة الحلوم إلى سعر 8200 ليرة للكيلو الواحد، أما الشلل والقشقوان والريكفورد لا داعي لمعرفة سعرها.

شاهد أيضاً

“ليندا بيطار” توجه رسالة لوالدتها في ميلادها

شام تايمز – متابعة وجهت الفنانة “ليندا بيطار” رسالة لوالدتها بمناسبة عيد ميلادها الذي يصادف …

اترك تعليقاً