شام تايمز- بتول سعيد
يعتقد البعض أنه كل ما زادت قدرته على تحمل الضغوط النفسية لوقت طويل، سيظهر أحدهم ليقدم له “أوسكار” تكريماً لصبره وعزيمته، وكأن آلام النفس البشرية بالنسبة له كـ “بثره” في الوجه لا يريد أن يعبث بها كي لا تنتشر في كامل وجهه، فيستمر بتجاهلها، وعدم تعقيمها، أو حتى معرفة كيفية التخلص منها، إلى أن ينفذ صبره وينقض عليها، لتترك أثرها على وجهه لوقت طويل مشكلة “ندبه”.
وفي ظل غياب الاهتمام المطلوب بالعامل النفسي لدينا، نجد أن جميعنا مشتركون في مسابقة نسقنا لها بأنفسنا وهي “المواطن الدكتور” رغم أننا غير حاملين لشهادة الطب النفسي، إلا أننا نحمل عيوناً في وجوهنا تصيب “المريض” من نظرة لما نمتلكه من حذاقة، ودماغ يسكن رأسنا قادر على خلق سيناريو مفتعل عنك ليجعلك مريض “رغماً عنك”.
“لعمى شو مريض” جملة نطلقها على من يخالفنا الرأي، وعلى من نخوض معه جدال غير مجدي، نافيين كل النظريات العلمية والطبية التي تثبت أو تنفي ذلك الأمر، ليصبح تشخيصنا “للمريض نفسياً” متغير وفقاً لمنطقنا وأهوائنا.
نعم للتخبيص.. لا للتشخيص:
معظمنا يلجأ إلى صديق، أو حبيب، أو يلجأ للعائلة بهدف تخفيف وطأة الهم والغم، والقليل منا يفكر بشكل جدي بالتوجه إلى عيادة الطب النفسي ليتم تشخيصه بالشكل الأمثل، وهذا ما رفع نسبة من يحملون رتبة “المواطن الدكتور” من حولنا حيث منحناهم الرتبة بعدم درايتنا وإدراكنا وبكل سلاسة وبساطة.
وهذه الكارثة تأتي بالتزامن مع وجود 86 طبيب نفسي في سورية فقط لا غير!، علماً أن منظمة الصحة العالمية توصي بوجود 2000 طبيب، كما أن عدد الأسرّة بلغ 1200 سرير للمرضى النفسيين في المشافي العامة والخاصة في حين المطلوب هو بحدود 8000 سرير.
وعند سؤالنا لأهل الاختصاص عن وجود إحصائية دقيقة توضح نسبة المصابين بالأمراض والاضطرابات النفسية في سورية، يمتنع البعض عن الجواب لعدم وجود إحصائية رسمية توضح بدقة النسبة الصحيحة، ليصبح الراغب بإجراء بحث حول الموضوع يستند تلقائياً لإحصائيات قديمة تعود لسنتين وأكثر، علماً أن ما مرت به سورية خلال سنوات الحرب قادر على جعل الإحصائيات القديمة تزداد أضعاف مضاعفة.
رأي مختص:
الأخصائية النفسية الدكتورة “مريم سمعان” أوضحت لـ “شام تايمز” أن الفئات العمرية التي تعرضت لصدمات وأمراض نفسية بالسنوات الأخيرة جراء الحرب على سورية هي فئة الاطفال وفئة الشباب من كلا الجنسين “الإناث والذكور” حيث واجهوا وعاشوا صدمات كثيرة، كالتهجير والعنف المسلح، مثل سماع أخبار القتل وبتر الأعضاء والاغتصاب والتجويع والحبس وموت أحد المعيلين أو موت الأحبة”.
وفيما يخص تلقي العلاج أشارت “سمعان” إلى أن العلاج يتم بنسبة 90% عن طريق الأدوية، ويعتبر غير كافي وغير مناسب ولا يعطي أمل للمصاب لأنه لا يوجد شفاء بالدواء وحده”.
وأضافت: “العديد من الأطباء النفسيين لا يرشدون المضطربين والمصدومين نفسياً نحو العلاج النفسي التحليلي أو المعرفي أو السلوكي أو حتى التعرض السردي، وذلك لأننا لا نملك أطباء يستطيعون القيام بمهام محددة ضمن العلاج النفسي، وهذا الأمر يعني أننا بحاجة إلى مختصين وممارسين خاضعين سابقاً لدورات علاجية بهدف المساعدة الأمثل للمرضى.